المملكة المتحدة: 30 مهاجرا يضربون عن الطعام احتجاجا على ترحيلهم

أعلن عشرات المهاجرين المحتجزين في المملكة المتحدة إضراباً مفتوحاً عن الطعام، في محاولة لوقف ترحيلهم القسري الوشيك إلى فرنسا. وتأتي هذه الخطوة وسط جدل متصاعد بشأن فعالية السياسات الحكومية الجديدة للحد من تدفق المهاجرين، وفي ظل استمرار وصول القوارب الصغيرة بأرقام قياسية عبر بحر المانش.

أفادت تقارير صحفية “الغارديانالبريطانية ببدء نحو ثلاثين طالب لجوء محتجزين في مراكز تابعة لوزارة الداخلية البريطانية الامتناع عن تناول الطعام منذ مطلع الأسبوع الجاري، تعبيراً عن رفضهم لقرارات ترحيلهم المقررة هذا الأسبوع. وتستند هذه القرارات إلى اتفاقية “واحد مقابل واحد” لتبادل اللاجئين، التي تهدف إلى إعادة المهاجرين غير النظاميين من بريطانيا إلى فرنسا مقابل استقبال لندن لعدد مماثل من الأشخاص المقيمين هناك بشكل قانوني.

وبرر المشاركون في الإضراب خطوتهم الاحتجاجية بما وصفوه بالمعاملة التي تشبه تلك الموجهة للمجرمين، مؤكدين أن هدفهم من القدوم هو البحث عن الحماية. وأشار المحتجزون إلى غياب المعايير الواضحة في قرارات الاحتجاز، مستشهدين بحادثة قارب وصل مؤخراً وعلى متنه ثلاثة وثمانون شخصاً، حيث لم تقم السلطات بنقل سوى اثني عشر فرداً منهم إلى مراكز الترحيل، بينما تم توزيع الباقين على فنادق للسير في إجراءات اللجوء الاعتيادية، وهو التباين الذي ولد شعوراً بالإحباط لدى المحتجزين ودفعهم للاعتراض.

تواجه الاتفاقية، التي تنص على إعادة المهاجرين غير النظاميين لفرنسا مقابل استقبال المملكة المتحدة للاجئين بشكل قانوني، تحديات ميدانية تتعلق بفعاليتها في الردع. فقد وثقت تقارير صحفية حالات لمهاجرين تم ترحيلهم إلى فرنسا بموجب هذه السياسة لكنهم عادوا مجدداً إلى بريطانيا عبر القوارب الصغيرة، ومن بينهم رجل إيراني أُعيد قسراً لفرنسا للمرة الثانية، وآخر إريتري كان ينتظر ترحيلاً جديداً يوم الخميس. ويربط مراقبون هذا الإصرار بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي جعل المملكة المتحدة تبدو كبداية جديدة لمن استنفدوا فرصهم في القارة.

وتتزامن هذه التطورات مع لجوء شبكات التهريب إلى تكتيكات أكثر خطورة للتكيف مع السياسات الجديدة، حيث كشفت التحقيقات عن قيام المهربين بتعديل القوارب الصغيرة المصممة أصلاً لحمل اثني عشر شخصاً لتستوعب ما يصل إلى ثمانين راكباً. وفي شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر من العام الجاري، رُصدت قوارب تحمل أكثر من مائة شخص، ما يضاعف مخاطر الغرق في مياه المانش، في ظل سعي المهربين لتعظيم الأرباح بغض النظر عن سلامة الركاب.

تُظهر الإحصائيات الرسمية استمرار تدفق المهاجرين بأرقام قياسية رغم الإجراءات العقابية، حيث عبر أكثر من واحد وثلاثين ألف مهاجر بحر المانش منذ بداية العام الجاري، متجاوزين بذلك الرقم الإجمالي المسجل خلال عام 2023 بأكمله والذي بلغ تسعة وعشرين ألفاً وأربعمائة شخص. وتشير تحقيقات صحفية إلى أن تدفقات الهجرة تميل للتكيف مع التغييرات السياسية بدلاً من التوقف بسببها.

وقد أثارت هذه الإجراءات انتقادات حادة من منظمات حقوقية، بما فيها منظمة العفو الدولية، التي اعتبرت أن النظام الجديد يتعامل مع اللاجئين وكأنهم طرود بريدية وليسوا بشراً، محذرة من أن الترحيل قد يعرضهم لمخاطر لاحقة. وتنص الاتفاقية على استثناءات محدودة تشمل القاصرين غير المصحوبين بذويهم والحالات الطبية الحرجة. في المقابل، تدافع الحكومة البريطانية عن نهجها، مشيرة إلى أنها قامت بترحيل نحو خمسين ألف شخص هذا العام ممن لا يملكون حق البقاء، ومؤكدة أن الاتفاق يهدف لتعزيز المسارات القانونية وضبط الحدود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *